شيخ العقل

سيرة سماحة شيخ العقل

ولد الشيخ أبو فيصل نصر الدين الغريب في ١٥ تشرين الثاني من العام ١٩٤٢ قبل حوالي العام من نيل لبنان إستقلاله فعاش معه جميع مراحله ودفع الثمن غالياً أيام المآسي.
والشيخ من مواليد بلدة كفرمتّى –قضاء عاليه وسليل عائلة توحيدية ديّانة، وقد إتبع منذ بداياته مسلك الدين فقد تربّى على أسس ووصايا التوحيد واتبعها عِلْماً وعملاً.

بدأ حياته المهنية مراقباً في ملاك مديرية الآثار اللبنانية.

ولعلّ الخامس من شهر أيلول عام ١٩٨٣ يعدّ من أبرز المحطات في مسيرة سماحة الشيخ، ففي ذاك النهار الأسود حصلت المجزرة الأليمة مجزرة كفرمتّى وقد نجى منها سماحة الشيخ جسدياً بأعجوبة، لكنه لم ينجُ من آثارها لا بل يمكن القول بأنه أكثر مَن تأثر بها ودفع ثمنها، فالمجزرة الّتي طالت بلدته طالت عائلته الصغيرة بشكل كبير، فإستشهد والده المرحوم الشيخ محمد (ودفن في خلوات البياضة -حاصبيا) وشقيقه قاضي المذهب الدرزي في عاليه الشيخ مسعود الغريب بالإضافة إلى إستشهاد ثلاثة من أشقائه وابن شقيقه، وعدد كبير من أقاربه وأبناء بلدته، حينها حمل سماحة الشيخ الجراح ومسؤولية الأيتام.

واستمر بمسلكه ونهجه الديني الدقيق، فوقع عليه الإختيار ليكون أمين سر لجنة وقف الأمير السيد (قدّس سره) والّتي أشرفت على إعادة الإعمار.

ونظراً لسيرته ومسيرته التوحيدية زكّته الهيئة الروحية العليا لطائفة الموحدين الدروز والأمير طلال ارسلان لتولي مهام مشيخة العقل، ففي ٢٤ أيلول ٢٠٠٦ تمت تسميته شيخاً للعقل من قِبَل رئيس الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز المرحوم الشيخ الجليل أبو سليمان حسيب الصايغ ومشايخ البيّاضة الشريفة ممثلين بكبير مشايخها الشيخ أبو سهيل غالب قيس وأيضاً بتسمية من عطوفة الأمير طلال ارسلان وقد وافق سماحة الشيخ على تولّيه هذا المنصب بعد إصرار كبير وضغط من المشايخ الأجلاء. وقد جرى ذلك بإحتفال حاشد في دارة خلدة حضره حشد كبير من كبار مشايخ وفعاليات طائفة الموحدين الدروز.

فكما كان قبل إستلام مهامه إستمر سماحة الشيخ بعد إستلامه مهامه متمسكاً على السير بمسيرته ومسلكه على نهج وسيرة السلّف الصالح ولا سيما وصيّة الأمير السّيّد (ق.س) لذا نراه دائماً المدافع الأوّل وصوت الحق بما يخص الأوقاف الدرزية والضغط المستمر بمسألة الأوقاف وضرورة اصلاح أوضاعها وتبيان حقائق ما يحصل فيها، فمع كل حملات التجريح والتهجمات الذي تعرّض لها سماحة الشيخ ومحاولات ثنيه عن قول الحق بما يخص الأوقاف الدرزية وحقوق الطائفة وأبنائها والفقراء والأيتام والأرامل. إلّا أنّ سماحته وقف ثابتاً مصرّاً على احقاق الحق. ومع كل هذه الضغوطات كان سماحته مهتدياً بالله تعالى ومقتدياً بصبر نبيّنا أيّوب عليه السلام.

وبعد تعيينه وبتكليف من المرجع الروحي فضيلة المرحوم الشيخ أبو محمد جواد وليّ الدين كُلِّف وبالتنسيق مع المشايخ الأجلّاء بتتويج الشيخ الجليل أبو سليمان حسيب الصايغ بالعمامة المدورة في العام ٢٠٠٧ في خلوة المرحوم سيّدنا الشيخ أبو حسيب أسعد الصايغ في بلدة معصريتي.

وكما في كل الظروف وكل الأحداث نرى سماحته دائماً صاحب المواقف المشرّفة والعقلانية، إن كان في أحداث أيار الأليمة حيث كان سماحته الداعي والساعي الدائم إلى التهدئة والتصرف بوعي وعقلانية وسامح كل من أراد أذيّته من أبناء طائفته ولم يرضى أن يمسّهم مكروه. وكذلك في حادثة الجاهلية رفض إنتهاك الحرمات وتجاوز الأصول وفي حادثة قبرشمون وعلى الرغم من أن المستهدف كان ابن أخيه معالي الوزير صالح الغريب إلّا أنّ سماحة الشيخ لم يرضى بإدخال الطائفة بطريق الثأر والدم فظهر على جميع وسائل الإعلام مطالباً بتهدئة النفوس محرّماً القيام بأيّة ردّة فعلٍ.

وطوال هذه المدة تمسّك سماحة الشيخ بالنهج التاريخي لبني معروف، المتمثّل بمقاومة أي عدوان ورفض أي محاولة للتطبيع مع العدو الصهيوني. ففي العام ٢٠١٣ أطلق سماحته وعطوفة الأمير طلال ارسلان وسماحة مشايخ العقل في سوريا وثيقة الثّوابت الدرزية بالتنسيق مع مشايخ فلسطين المحتلة، وتتويجاً لمشروع التواصل مع أهلنا في الداخل الفلسطيني المحتل الّذي بدأه في العام ٢٠٠٥ شهيد الوحدة الوطنية وعروبة الجبل الشهيد الشيخ صالح فرحان العريضي بتوجيهات من الأمير طلال ارسلان، جرت زيارتين تاريخيتين إلى الجمهورية العربية السورية عامي ٢٠١٠ و٢٠١٨ بالتنسيق مع سماحة شيخ العقل ورئيس لجنة تواصل عرب ٤٨ الشيخ أبو محمد علي المعدي والأخ إحسان مراد وبرعاية الرئيس الدكتور بشار الأسد والأمير طلال ارسلان، حيث عقدت لقاءات تاريخية جمعت مشايخ فلسطين وسوريا ولبنان.