وُلد الآمر بالحق والناهي عن المنكر الجليل الفاضل المرحوم الشيخ أبو حسيب أسعد الصايغ عام 1902 م في بلدة معصريتي قضاء عاليه في بيت توحيدي كريم
نشأ على الفضيلة ومكارم الأخلاق وتتلمذ على يد المرحوم شيخنا الشيخ أبو فارس محمود عبد الخالق حيث أخذ عنه أصول التعاليم التوحيدية والمسلك الدقيق والثقة بقول الحق وعدم مداراة الكبير والقريب وصاحب الموقع المتقدم إذا كان مخطئاً في الفصل بالحق والانصاف. لذلك فالمرحوم شيخنا يُعد من كبار مشايخ الدين في النصف الثاني من القرن العشرين
ظهرت عليه علامات النجابة والديانة ومحبة الإخوان وهو في ريعان شبابه، وحفظ كتاب الله العزيز عن ظهر قلب، وكان مجاهداً في كثرة تلاوته مجاهدة قل نظيرها. ولما له رحمه الله من منزلة رفيعة وهمة علية ومكانة دينية، فقد توّجه المرحوم سيدنا الشيخ أبو حسين محمود فرج بالعمامة المدورة عام 1942 م، وذلك تقديراً له وللمكانة الكبيرة التي بلغها
كان نافذ الكلمة في المجتمع المتدين وغير المتدين، يحتكم إليه الناس في خلافاتهم، فلا يُرد حكمه، ولا تُخالف كلمته، وتعدّت شهرته إلى الطوائف الأخرى، فأصبح شخصية معروفة معتبرة عند الطوائف كافة، بفضل تقواه وشجاعته وإخلاصه وديانته
ومن بعض مآثره الكثيرة
كان في محلة نبع الصفا مدرسة يتعلم بها أبناء المنطقة ويشرف على إدارتها أحد الأباء المحترمين، ونظرا لتخلف العديد من أولياء التلاميذ عن دفع المستحقات أشار عليه أحد أبناء المنطقة بزيارة الشيخ أبو حسيب لعله يحصل له حقه من الأهل. ذهب الأب المحترم إلى عند المرحوم الشيخ وأخبره بما يعانيه من تخلف أولياء الأمور عن تسديد المتوجب عليهم. فقال له الشيخ: بالنسبة للأهل الملتزمين دينيا بوعدك بيوصلك حقك أما غير الملتزمين فإن شاء الله سوف أحاول معهم. ولما عرف أولياء الأمور بتبليغ مدير المدرسة للشيخ بالموضوع ذهبوا جميعا لتسديد المتوجب عليهم قبل أن يرسل لهم الشيخ الطلب بذلك
وحصل نبذة أخرى تقول: كان لابن عم الشيخ أرض زرع بالقرب من النهر وله جار من بلدة شوريت، ومن المعلوم أن طريقة الري تتم بأسلوب المداورة كي تتم الاستفادة من ماء النهر لري المزروعات في الأراضي القريبة منه. إلا أنه حصل خلاف بين ابن عم الشيخ وجاره المذكور، فقام الجار بتحويل المياه إلى أرضه، فلما رأى ابن عم الشيخ تلك الحالة غصب وكسّر قناة المياه في أرض جاره أالحق بها ضررا بالغا. تقدم الجار بدعوى لدى المخفر مطالبا بالتعويض عليه وتحصيل حقه. فلما علم رئيس المخفر بعلاقة القربى بين المدعى عليه والشيخ ابي حسيب ذهبوا جميعا إلى عنده وقصوا القصة كاملة على الشيخ فما كان من الشيخ إلا حكم بالحق وأعطى حكمه بضرورة التعويض على صاحب الدعوى ولم يقف بجانب ابن عمه لداعي القربى وقال لرئيس المخفر نفذ حكم القانون به. فلما رأى المدعي نزاهة الشيخ وعدله وانصافه في إحقاق الحق وقف وقال للشيخ: أنا سامحته ولا أريد أي شيء منه، فقد انصفتني حضرتكم
يضيق المكان ها هنا بذكر كل مآثر شيخنا وهذا غيض من فيض
انتقل إلى رحمته تعالى في أول شهر تموز عام 1979، وجرت له جنازة مهيبة، حضرها معظم رجال الدين الكبار من سوريا ولبنان، وقام بتأبينه كبار المشايخ والمسؤولين
بُنيت له حجرة مكان مدفنه، في خلوته في بلدة معصريتي يؤمّها المشايخ والزوّار، ولتبقى سيرته العطرة تتناقل من جيل إلى جيل للافتداء بها
وكان الشيخ أبو حسيب أسعد الصايغ قد زوّج كريمته الطاهرة من المرحوم شيخنا الشيخ أبو حسن عارف حلاوي، وشجَعه على الإقامة في بلدة معصريتي
ونشأ نجله المرحوم شيخنا الشيخ أبو سليمان حسيب أسعد الصايغ على طريق والده في التقوى والورع وخدمة الإخوان، وتوّج بالعمامة المدورة عام 2006 وبعد وفاة المرحوم الشيخ أبو محمد جواد ولي الدين في شهر نيسان عام 2012 أصبح المرحوم الشيخ أبو سليمان رئيس وعميد الهيئة الروحية لطائفة الموحدين الدروز وبقي حتى وفاته بتاريخ 13 تشرين الثاني 2020، وقد أقيمت له جنازة مهيبة حضرها الالاف من رجال الدين والفعاليات والمرجعيات كما أقيمت له مواقف عزاء في سوريا وفلسطين المحتلة، وبني له ضريح بجانب ضريح والده المرحوم الشيخ أبو حسيب