يقع مقام الست شعوانة في منطقة عميق على سفح جبل الباروك لجهة الشرق المطل على سهل البقاع وجبل الشيخ
وهو عبارة عن مبنى كبير يضم غرفة الضريح ومجلس للصلوات ومرافق أخرى للزيارة وهو مزاراً عاماً ومقصداً لرجال الدين والمؤمنين الذين يطلبون بركة وشفاعة الست شعوانة رضي الله عنها
تحيط بالمقام غابة كثيفة من السنديان تمتاز بطيب هوائها ونقاوة مياهها، ويوجد بالقرب منه نبع الست شعوانه طولها ٧٢ متر وهي بمحاذاة محمية أرز الشوف وترتفع ١٢٠٠ متر عن سطح البحر وهي نبع عذبه دائمة التدفق على مدار السنة
كما يوجد مقام اخر للست شعوانة رضي الله عنها في عين قنية بالجولان بالقرب من مقام الحزوري رضي الله عنه
( قصه الست شعوانه رضي الله عنها )
يحكى انه كان في زمن بني إسرائيل ملكاً اسمه حدسوت أو الحزوري رضي الله عنه وكان ملكاً على مملكة حدسور وذلك في زمن العبرانيين وكان عنده بنت صغيره في السن وذات يوم وعندما سمع سيدنا الحزوري عن العباد السبعة الذين فاقوا رجال عصرهم وتفوقوا على عباد بني إسرائيل زهد في الدنيا وقرر ان يترك المال والجاه والعز ويلتحق بهم لتحصين روحه وليصل الى السعادة الأبدية ويعبد الله سبحانه وتعالى فأخبر ابنته أنه يريد الإلتحاق بالعباد السبعة الذين كانوا يعيشون في المغر وتجاويف الجبال وإنه يريد ان ينجي روحه ويعبر إلى الله سبحانه وتعالى فقالت له خذني معك يا أبتي ولا تتركني وحيدة فيتصدع قلبي على فراقك ويتقطع كبدي حزناً عليك فيكون إثمي عليك أكثر من الثواب الذي ترجوه من ربك فقال لها ولكن ماذا اصنع وانتي بنت والعباد رجال وهذا لا يجوز فقالت له أتصدر وألبس زيّ الرجال وكان لها ما ارادت وتسترت بزيّ شاب وذهبت برفقة أبيها إلى العباد السبعه رضي الله عنهم الذين هم من أكابر أولياء ذلك الزمن بدأت هذه الفتاة تخدم العباد وتعلمت منهم صناعة النسيج والحصر وكانت تذهب لتبيعهم في المدينه وهي بانياس الموجودة في الجولان ( وما زالت الاثار هناك شاهدة على القصة) بقيت على هذا الحال حتى كبر والدها وشارف على الموت عندها أوصى العباد بإبنه (يقصد ابنته الست شعوانة) وبعد وفاة الولي والعابد الورع سيدنا الحزوري بقيت هي على عبادتها وخدمة العباد السبعة الى أن رأتها ابنة الملك وأعجبت بها ظناً منعا انها شاب فاتهمتها بانها إعتدت عليها عندما كانت موجودة بالمدينه لبيع الحصر ومن كثرة تعلقها بالخالق وتعلق قلبها بمحبته صبرت على هذه المحنه مع العلم انه كان بإمكانها ان تبرئ نفسها بقولها انها أنثى لكنها قابلت التهمة وكأنها حقيقة لتزيد في أجرها وعندما ذاع خبر تعديها على ابنة الملك أمروا بنفيّها الى أقاصي البلاد وتم نفيّها الى سهل البقاع في لبنان حيث هو مقامها اليوم وهناك استغرقت في العبادة والسجود ساعات طويلة لدرجة ان الطيور كانت تظنها جماد فتحط عليها
وكان معها الولد الذي ألزموها به وقد طلبت من الباري تعالى أن يتولى امر الطفل فأرسل له غزالة تغذيه وبعدها طلبت من الله ان يريحها منه لأنه يعيقها عن العبادة فكان لها ما أرادت فكيف لا والله أوحى للملائكة انه لو أرادت نقل الجبل من مكان الى آخر فعلت ذلك كرامة لها
(فوعزتي وجلالي لو سألتني أن أزيل الجبال عن أماكنها لفعلت ذلك إكراماً لها لأنها لم تشكُ ما نزل بها إلى أحد غيري)
وسخر الله لها الوحوش لحمايتها وغذائها حتى ذاع صيتها وكراماتها وبقدرة الله ظهرت برائتها وسمع السبع عباد بكراماتها واتضح امر بنت الملك وانكشف سرها فجائو للقائها وكانت قد شارفت على الموت طلبت من العباد ان يتم تكفينها بثوبها فقالوا لها هذا لا يجوز لا بد من الغسل والكفن عندها قالت اذاً شقوا ثوبي من عنقي فقط وعندما فارقت الحياة رضي الله عنها تقدم احد العباد السبعة ونفذ وصيتها وشق ثوبها فلاحظ ولأول نظرة انها امرأة فقال بحق الله انها إمرأة فجائت بعض النسوة التقاة وكشفن عليها وعلمن انها إمرأة وبقدرة الله تكفنت وبانت كراماتها
-ومختصر قصتها مكتوب في خمسة أبيات شعرية معلقة في مقامها الشريف، إلى جانب ضريحها الطاهر الذي دفن به جسدها المبارك وقد جاء فيه
لقد ضم هذا القبر خير الأوانس
فتاة رأت بالله خير مؤانس
ومن عُذبت قهراً وظاهر أمرها
غلام يبيع الخوص بالزهد يكتسي
وظلماً فتاة اتهمته بمنكرٍ
فعاش كئيباً في الورى عيش بائس
وصيّته عند الوفاة لشيخه
ألا قُد عند الصدر ثوبي وملبسي
فلما رأى أنثى أجاب مكبراً
هنيئاً لها نالت نعيم الفرادس