بقلم أيوب مرعي أبوزور
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
اخواني واخواتي في ليالي العشر الفضيلة يطيب للمؤمن أن يتفكر في أسرار هذا الكون البديع ويسبح خالقه ويحمده على نعمه التي لا تعد ولا تحصى. وأيضا هذه الليالي الفاضلة مناسبة ليشرع المؤمن في رياضاته الروحية كالصلوات على أنواعها، والتسبيح، والاستغفار، والتهجد، وقيام الليل، والدعاء، والصوم، والتقرب من الله عز وجل بكل السبل الممكنة. هذه الرياضات كلها تهدف إلى ترويض النفس، هذه النفس التي ازدادت جموحا في وقتنا هذا، والتي أصبحت أكثر تعنتا وضلالا وابتعادا عن الصراط المستقيم.. ولكي ينجح المؤمن في مسعاه المبارك هذا، ونقصد به ترويض النفس وكبح جماح شهواته عن كل ما هو محرم وتفعيل جوارحه بما يرضي الله تعالى والابتعاد عن كل ما يغضب الله تعالى من أفعال مشينة، وأقوال مذمومة وأفكار سيئة وغير سوية، لا بد له من أن يتعرف على إبداع الخالق عز وجل في صنعته في خلقه، لكي ينجح في ضبط كيانه وجعله في حالة من التوازن الدقيق.0
الله تعالى جل وعلا خلق هذا الكون بكل ما فيه بنظام دقيق وتوازن محكم، وخلق السماوات وما فيها من نجوم وأجرام خاضعة لقوانين ثابتة لا تتغير ولا تتبدل إلا بمشيئته عز وجل، وكذلك خلق الأرض وما عليها من جماد ونبات وحيوان، وكذلك خلق الانسان الذي هو درّة التاج في خلق الله سبحانه وتعالى لما وضع فيه من اسراره (اتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر).0
كوّن الله تعالى الانسان من خمسة عناصر وهي: الأثير (الوعي)، النار (النفس)، الهواء (الفكر)، الماء (الدم وباقي السوائل في الجسم)، التراب (الجسد). وجعلها متكافلة متعاونة متآلفة فيما بينها بحكمته جل وعلا، وجعل توازنا محكم بينها، وكل اختلال يحدث لأي عنصر من هذه العناصر يؤدي إلى اختلال كينونة الانسان بأكملها. أما مصدر وأصل هذه العناصر فهو الروح، وعندما نزلت هذه الروح من عالمها الأصلي النوراني إلى هذا العالم المادي الكثيف الذي يرزح تحت نير الزمكان توزعت على هذه العناصر كما يتوزع الضوء الابيض عندما يدخل في قطرة الماء على ألوان الطيف عندما يشكل قوس القدح، فليس ثمة انفصال وليس ثمة تبدل، وليس ثمة اختلاف في جوهر الضوء، بل الاختلاف يكمن في ادراكنا الحسي له، وهكذا الروح هي هي في جوهر هذه العناصر الخمسة، غير منفصلة عنهم وغير مختلفة عنهم، لكنهم أي العناصر الخمسة، تجليات لألوانها النورانية. ولأجل إبقاء أنوار هذه الروح براقة وشعشاعة ونقية في كل بعد من هذه الأبعاد الخمسة، وجب على المؤمن العمل على صونها وحفظها من كل ما قدر يلوثها ويكدرها ويكثفها. كيف ولماذا؟0
لماذا؟ لنستفيق من غفلتنا، ولندرك حقيقة وجودنا، ونحقق علّة قدومنا إلى هذه الدنيا ألا وهي عبادة الله تعالى وحده دون سواه والعبادة تكون بطاعة أوامره ونواهيه والرضا والتسليم له في كل نفس نتنفسه وفي كل نبضة قلب وفي كل رفة جفن. كيف؟ هنا نقول للحديث تتمة…0
أيوب مرعي أبوزور: كاتب وشاعر لبناني من بلدة تنورة قضاء راشيا، حائز على ماجستير في علوم البيولوجيا من كلية العلوم في الجامعة اللبنانية