بقلم الدكتور حكمت علي مصلح
يثار في الآونة الآخيرة، مسألة إستقالة رئيس الجمهورية في الأوساط السياسية. دون أن يكون لدى من يطرح هذا الأمر، إلمام بالواقع السياسي والدستوري في البلاد ولتوضح ذلك الواقع نسأل
ـ ما هو أثر استقالة رئيس الجمهورية على الصعيد السياسي في البلاد؟
ـ هل الدستور اللبناني في ظل حكومة تصريف الأعمال قادر على سد الفراغ الذي تحدث استقالة رئيس البلاد؟
ـ ما هو مصير التكليف الذي يحمله الرئيس سعد الحريري في حالة استقالة رئيس الجمهورية؟
أولاً: على الصعيد السياسة
من يحسب أن رحيل الرئيس عون، يشكل حلًا للوضع المأزوم. فهو واهم لأن الاقتصاد المنهار ما هو إلا نتيجة السياسات التراكمية. من عهود سبقت عهد الرئيس عون.
أما من يترقب دورة بعد رحيل الرئيس. فهذا أمله ضعيف لتاريخ لايؤهله بلوغ سدة حكم البلاد.فالوصول للرئاسة دون شروط، يعجز بعض الطامحين من تلبيتها.
ثانياً: على الصعيد الدستوري : إن إستقالة رئيس الجمهورية. هي من المسائل التي تعد (تصريف بالإدارة المنفردة). فهي لا تتوقف على قبول أحد أو رفضه لها. لكن ماذا يعني دستوريًا إستقالة رئيس الجمهورية، أو حتى انتهاء ولايته، دون انتخاب الخلف؟
ينص الدستور اللبناني في مادته 62 : في حال خلو سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء
من نص المادة 62 نستنتج : أن مجلس الوزراء سوف يحل وكالة مكان رئيس الجمهورية. لا لجهة مقامه لكن، لجهة صلاحياته لا غير
هنا نقف لنتأمل المشهد
ـ الحكومة الحالية رحلت عن الحكم بسبب استقالة رئيسها وأصبحت حكومة تصريف أعمال
ـ رئيس مكلف بموجب استشارات نيابية ملزمة. أجراها رئيس الجمهورية السابق، مع ممثلي الشعب. نوضح ذلك من خلال
أولاً : بالنسبة الى حكومة تصريف الاعمال
ان واقع حكومة تصريف الاعمال دستوريًا لا يؤهلها البتة أن تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية فهي نفسها وضعها كحكومة تصريف أعمال، لا يؤهلها القيام بصلاحياتها الاصلية التي خولها الدستور، قبل الاستقالة لوضوح نص المادة 66 من الدستور : ولا تمارس الحكومة صلاحياتها قبل نيلها الثقة ولا يعد استقالتها أو اعتبارها مستقيلة إلا بالمعنى الضيف لتصريف الأعمال
فحكومة حسان دياب ليست مؤهلة دستوريًا، لأن تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية
وفي نظرنا يعد هذا فراغ في التشريع الدستوري، يجب أن يعمد في وقت لاحق المشرع على سد هذا الفراغ. يصيغة توصل إلى إعادة إحياء الحكومة المستقيلة عند شغور رئاسة الجمهورية لأي علة كانت
وأمام هذا الفراغ بالنص الدستوري. حاليًا لا بد من إعادة تقوم حكومة حسان دياب. مع أننا لنا موقف دستوري يرفض رفضًا قاطعًا، إحياء أي حكومة استقالت أو تعتبر مستقيلة، لاعتبارات عدة ليس بالإمكان هنا شرحها
ثانياً : بالنسبة إلى الرئيس المكلف
إن استقالة الرئيس أو انتهاء مدة ولايته. يعني حكمًا انتهاء التكليف. فالأخير أي التكليف يصبح تصرف كأنه لم يكن. والسبب أن الرئيس المكلف شريك مع رئيس الجمهورية. فإذا رحل الشريك الأول في التكليف ينتهي التكليف حكمًا. ولا ينفعه أنه كلف بموجب استشارات نيابية ملزمة من قبل ممثلي الشعب
في نهاية المطاف نقول
إن استقالة رئيس الجمهورية، أو انتهاء ولايته، أو أي سبب آخر. يؤدي إلى خلو سدة الرئاسة الأولى. يجعل البلاد في ظل حكومة تصريف الأعمال، في فراغ دستوري يصعب حله
لذلك نقول
ـ ليبقى رئيس الجمهورية ثابت في موقعه
وليتخلى رئيس الجمهورية مع الرئيس المكلف، عن أية اعتبارت اخرى لحراجة الموقف. دستورياً وشعبياً واقتصادياً
ـ وليترفع الجميع عن خلافاتهم ولينقذوا البلاد من شر مستطر
الدكتور حكمت علي مصلح: دكتوراه في القانون الدستوري