بقلم أيوب مرعي أبوزور
تكشّف الصراع الطائفي السياسي بشكل واضح في لبنان خلال مرحلة الانتداب الفرنسي منذ أن أصدر الجنرال هنري غورو المفوض السامي على سورية ولبنان في ٣١ أب ١٩٢٠ مرسوما بضم مناطق بيروت والبقاع ووادي التيم ومدن طرابلس وصيدا وصور وملحقاتها إلى متصرفية جبل لبنان، وجعلها جميعا دولة واحدة هي دولة لبنان الكبير، تحت وصاية الانتداب الفرنسي. هذا ما أفرز الانقسام الحاد حول مفهوم الكيان الجديد الذي انتهى أليه تطور إمارة جبل لبنان على أيدي الفرنسيين مع إعلان قيام دولة لبنان الكبير. ويعود جوهر تلك الانقسامات الحادة لمشروع تجزئة المنطقة العربية إلى دويلات طائفية، هذا المشروع الاستعماري الذي كان ترجمة فعلية لـ اتفاقية سايكس _ بيكو في عام ١٩١٦ ، و وعد بلفور في عام ١٩١٧ ، هذا المشروع الاستعماري الأوروبي الجديد الذي هو نسخة حديثة ومنقحة عن الحروب الصليبية الاستعمارية، والذي طالت نتائجه المنطقة العربية التي كانت تابعة للسلطنة العثمانية قبل سقوطها، ومنطقة بلاد الشام على وجه الخصوص. على اثر ذلك أخذ الصراع الطائفي السياسي الباعث على الانقسام الوطني يطرح نفسه بأشكال متعددة، وأحد أهم أشكال هذا الصراع هو الصراع حول مفهوم الكيان اللبناني داخل طوائفه. هذا الصراع الذي أفرز، منظمات وأحزاب وشخصيات سياسية كرست حالة الانقسام الطائفي السياسي في لبنان، وأعطاها القدرة على أن تلعب دورا كبيرا في رسم الخريطة السياسية في لبنان
أدى دخول القوات العربية دمشق بقيادة الأمير فيصل الحسين ابن الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى على العثمانيين، وإقامة أول حكومة عربية فيها في الأول من تشرين الأول ١٩١٨ ، إلى أزدياد ضغط التيار العربي لضم لبنان إلى سورية ، حينها وجدت فرنسا أن من مصلحتها فصل جبل لبنان عن سورية واستخدامه لخلق كيان سياسي مسيحي. ولتحقيق ذلك استعان الفرنسيون بشخصيات سياسية ومجتمعية ودينية ذات توجه لبناني مستقل من الطائفة المارونية لمواجهة التيار الوحدوي مع سورية، هذا التيار المنتشر بقوة بين أوساط الجماهير الإسلامية، ولإقامة دولة لبنانية مسيحية موسعة تستخدم للضغط على الحكومة العربية الاسلامية في دمشق. وانطلاقا من سياسة فرق تسد التي يستخدمها كل مستعمر، ولكي يسهل على سلطة الانتداب الفرنسي احتواء الطوائف المتناحرة، عملت على تأجيج الخلافات السياسية المستندة إلى الرابط الديني ، مستغلة طبيعة التركيبة الطائفية الغير المتجانسة للمجتمع اللبناني . فكانت استثارة النعرات الطائفية من خلال تكريس الطائفية السياسية ركيزة أساسية لسياساتهم الاستعمارية في لبنان، لإشغال القوى الوطنية في أمور ثانوية على حساب مهامها الأساسية في النضال والكفاح ضد الاستعمار. وفي ظل عدم وجود أكثرية مجتمعية مطلقة وعجز أحد الطرفين في المجتمع عن حسم الصراع لصالحه، نشأت ثنائية مجتمعية – سياسية، مسيحية(مارونية) – أسلامية حكمت حياة وسلوكيات قيادات الطوائف ، وجعلت الشخصيات والأحزاب الوطنية أسيرة هذا الوضع. وهكذا تحولت القوى الاستعمارية بفعل الانقسام المجتمعي والاعتبارات الطائفية إلى شريك في رسم الخارطة السياسية اللبنانية
بعد انهيار السلطة العثمانية في بيروت، التي استسلم واليها إسماعيل حقي بك، وسلّم مقاليد الأمور فيها إلى عمر الداعوق ، الذي أعلن بدوره عن تأييده للحكم الجديد في دمشق ورفعت الأعلام الشريفية (نسبة إلى حكومة الامير فيصل ابن الشريف حسين) على المباني العامة. ومع دخول القوات العربية تشكلت حكومات محلية، في بيروت شكري الأيوبي، في جبل لبنان حبيب فيّاض، في بعبدا عادل أرسلان، في صور الحاج اسماعيل الخليل، في صيدا رياض الصلح. هذه الحكومات المحلية لم تلق قبولاً من الجنرال اللنبي فألغاها بعد أسبوعين أو ثلاثة من تشكّلها وأعلنت المنطقة منطقة بلاد العدو المحتلة، وأصبحت بالنهاية تحت حكم مباشر فرنسي بريطاني بانتظار العام ١٩١٩ مع وصول القوات الفرنسية وحلولها محل القوات البريطانية في سورية ولبنان. وفور وصولهم عمد الفرنسيون على توطيد سلطتهم في لبنان ، فأعادوا تنظيم مجلس إدارة جبل لبنان القديم، وعينوا على رأسه حاكماً فرنسياً بطبيعة الحال مسيحيا. أما ولاية بيروت فقد خضعت لإدارة خاصة تحت أشراف فرنسي مباشر للسيطرة على موانئ بيروت التي كانت تسكنها أغلبية من المسلمين السنة. وعملوا على التلاعب بالخلافات الطائفية ، فأوهموا المسيحيين أنهم جاءوا لمساندتهم في مواجهة الأغلبية الإسلامية، وكان الأهالي منقسمين على اتجاهين
اتجاه المسلمين الذي يضم سكان الساحل والأقضية الأربعة ( بعلبك، والبقاع، وحاصبيا وراشيا ) وناصرتهم قوى مسيحية من الروم الأرثودوكس وكان هدفهم تحقيق الاستقلال الكامل ، للتخلص من الاستعمار الأجنبي ، وكانوا يؤيدون حكومة الأمير فيصل
اتجاه المسيحيين والذي كان يضم موارنة جبل لبنان ، الذين تشكّلت لديهم إيديولوجية كاملة أوجدتها الإرساليات الذين كانوا يتعلّمون فيها تاريخ فرنسا قبل تاريخ لبنان، وأصبح الأبطال لديهم فرنسيين وأصبحت المسرحية فرنسية والأدب والشعر فرنسياً وأصبحت مقاييس الحضارة فرنسية. وكان هدفهم الانفصال عن سورية في ظل حماية فرنسية، وكانوا يعادون حكومة الأمير فيصل
مقابل إطلاق يدهم في سورية تنازل الفرنسيون عن الموصل الغنية بآبار النفط لإنكلترا التي لم تتردد في قبولها ، ذلك ما أتاح لهم رفض طلب الأمير فيصل وعدم القبول بتشكيل دولة عربية متحدة تحت لواء دولة الحجاز، وإسقاط الحكومة العربية التي أسسها الأمير فيصل بعد تحريره دمشق، وذلك نتيجة لما عرف باتفاق (لويد_جورج) لويد جورج رئيس الوزراء البريطاني ، وجورج كليمنصو رئيس الوزراء الفرنسي في كانون الأول ١٩١٨ م . وكانت مبادرة الفرنسيين في تعيين كبير دعاة الاستقلال اللبناني المحامي الماروني أميل إده مستشارا للمفوض السامي في بيروت، كشفت نوع السياسة التي يريدون انتهاجها في لبنان عبر الاستعانة بالموارنة لكي يقيموا “دولة لبنانية ” تستخدم للضغط على الحكومة العربية في دمشق من جهة، ومن جهة تحقيقا للمطالب التي كان ينادي بها الموارنة من دعاة الكيان اللبناني وحاجتهم إلى الحماية الفرنسية ضد مطامح القوميين العرب في الوحدة الشاملة”. ومع وصول الهيئة الأمريكية للجنة الدولية حول الانتداب، التي اشتهرت باسم لجنة كنغ –كراين الأمريكية لتقف على رأي القادة وشعوب المنطقة ، أعلن المؤتمر السوري العام المنعقد في ١٧ حزيران ١٩١٩ باسم كل عرب سورية ولبنان وفلسطين تأييده لوحدة سورية الطبيعية وحريتها واستقلالها ، بدون أي شكل من أشكال الوصاية أو الانتداب. وعمليا ، كان ذلك الإعلان يخالف المادة (٢٢) من ميثاق عصبة الأمم التي كانت تعد سورية جزءا بحاجة إلى انتداب. وبالرغم من فصل لبنان عن سورية في أول أيلول ١٩٢٠ ، غير إن اللبنانيين الوحدويين لم يتوقفوا عن مطالبتهم بوحدة البلاد السورية كما كانت ، لإيمانهم بمضار التقسيم من كافة النواحي (القومية والسياسية والتاريخية والاقتصادية والجغرافية واللغوية )، ولهذا كانت القوى الوحدوية تقدم باستمرار لكل مندوب سامي فرنسي مذكرات تطالبه فيها بإعادة وحدة سورية ولبنان. لذلك كان المسلمون في مطلع عهد الدولة اللبنانية الجديدة التي رعتها سلطات الانتداب الفرنسي ، غير مهتمين ببلورة دورهم في الحياة السياسية اللبنانية، بينما كان المسيحيون الموارنة، يوطدون نفوذهم في الإدارة اللبنانية برعاية فرنسية تضمن لهم تفوقهم السياسي والاقتصادي. وكانت الدولة الجديدة التي عرفت باسم (دولة لبنان الكبير) على أساس إضافة مدن الساحل والبقاع ووادي التيم وطرابلس والجنوب وسهل عكار إلى المنطقة التي كانت تعرف تاريخيا باسم جبل لبنان. رحب الموارنة بهذا المشروع ، مع أنهم كانوا يدركون بأنه يعني ضم لبنان إلى فرنسا وليس استقلاله عنها، بينما طالب سكان هذه المناطق ، ذات الأغلبية المسلمة ، وعلى امتداد أوائل العشرينيات بالوحدة السورية ، والبقاء ضمن الدولة السورية الموحدة، وعارضوا فكرة الضم، عادين أنفسهم مظلومين في لبنان الكبير. لكن فرنسا أهملت مطالبهم، وكانت على ما يبدو تريد أن تزيد عدد المسلمين في لبنان لتخلق توازناً طائفياً ضعيفا يترك البلد في حالة توتر دائم، بهدف إضعاف موقف المسيحيين، وزرع الشعور لديهم بضرورة اعتمادهم على الحماية الفرنسية، والحد من ميلهم إلى اتخاذ خطة وطنية خاصة بهم. وفي عام ١٩٢٦ م طلب المفوض السامي هنري دي جوفنيل إلى جميع الطوائف اللبنانية الاشتراك في صياغة الدستور اللبناني المقترح للجمهورية اللبنانية، الذي كان قد أرسل إلى جميع الهيئات السياسية والدينية والزعامات الاجتماعية وطلب رأيها ومشورتها، لكن معظم القوى الإسلامية والوحدوية امتنعت عن المشاركة في صياغة الدستور تعبيرا عن رفضها للواقع التقسيمي للبلاد السورية. وفي ظل هذا الجو المشحون اندلعت الثورة السورية الكبرى ما بين ١٩٢٥ مما زاد من حدة الخلافات بين اللبنانيين المسلمين والمسيحيين. لاسيما وان هذه الثورة عمّت كافة المناطق التي فصلت عن سورية ومن بينها المناطق الملحقة بدولة لبنان الكبير. كانت تلك الثورة بمثابة الفرصة الأخيرة أمام أهالي هذه المناطق للتعبير عن تطلعاتهم إلى الاستقلال والاتحاد. تلك التطلعات التي كلفتهم غالياً ، سواء على الصعيد الاجتماعي أم على صعيد التغيرات السكانية. وبذلك أتت الثورة كتعبير عن رفض أبناء تلك المناطق لمشروع فرنسا التقسيمي للمنطقة ، ومحاولتها السيطرة على بلاد الشام عبر مشاريعها الاستعمارية. وعلى أثر فشل الثورة فقد الوحدويون الأمل في تحقيق حلمهم في الوحدة مع سورية. وجاء الدستور اللبناني بمثابة الخطوة التأسيسية الثانية للبنان الكبير ولم يكن عملية حقوقية بل عملية سياسية بالكامل، صحيح أنه يستجيب لمطلب صك الانتداب بإقرار الدستور خلال ثلاث سنوات من بداية تطبيق الانتداب الذي بدأ تطبيقه في ٢٩ أيلول عام ١٩٢٣ فإذاً يجب أن يكون الدستور قد أقيم بعد ثلاث سنوات ولكن هناك مسائل أخرى حتّمت إقامة الدستور والتعجيل به، من اهمها انطلاق الثورة السورية الكبرى التي عجّلت في ولادته. هذا الدستور الذي في جانب من جوانبه كان عملية رشوة لبعض الطوائف، خصوصا الطوائف التي لم يكن لها أي حق سياسي في التعبير عن الرأي ، وأهمها الطائفة الشيعية ، وجاء الاعتراف بالمذهب الشيعي كرشوة نتيجة الموقف الشيعي من الثورة السورية الكبرى، وقد وصل الأمر بالبعض منهم إلى حمل السلاح ضد قوات الثورة التي دخلت منطقة مرجعيون. وبعد فشل الثورة وبالاستناد إلى التحول الديموغرافي في لبنان الكبير لمصلحتهم، طالب المسلمون بدورهم في الإدارة في دولة لبنان الكبير بعد مقاطعة دامت طويلا، وبمشاركة اكبر في السلطة لرفع الغبن اللاحق بهم ، وتبلور ذلك في إصرار الشيخ محمد الجسر على التمسك بحقه الدستوري في الترشح كمسلم لمنصب رئيس الجمهورية، ومطالباته في الوقت نفسه بإحصاء سكاني لتثبيت تفوق المسلمين العددي على المسيحيين. وعلى هذا الاساس شارك المسلمون بإحصاء عام ١٩٣٢ ، الذي أثبت خسارة المسيحيين لتفوقهم الديموغرافي الساحق الذي عرفوه في جبل لبنان ، حيث حقق المسيحيون تفوقا طفيفاً على المسلمين بنسبة (51,7% مقابل 48,3%). أظهر إحصاء عام ١٩٣٢ أن الفرق يقتصر على تسعة آلاف بين ( ٣٩٢ ألف مسيحي) وبين ( ٣٨٣ ألف مسلم) وخمسة آلاف يهودي وألفين من الأقليات. شكّل هذا الإحصاء حالة من الرضى لدى الطرفين ومنح حالة من الاستقرار المؤقت، حيث أن المسيحيين وجدوا فيه نظرياً غلبة والمسلمون وجدوا فيه معادلة. بينما ظلّ المسيحيون يراهنون على مسألة تكشفت لاحقا عام ١٩٤٣ في المرسوم ٤٩ والمرسوم ٥٠ الذي أدخل ١٢٥ ألف مغترب ضمن أعداد اللبنانيين المسيحيين، بينما المسلمون راهنوا على أن الزيادة العددية عند الإسلام والتكاثر السكاني سوف يخلق غلبة لصالحهم. ولأن للديموغرافيا الطائفية بعد أخر يتعلق بنصيب كل طائفة في مغانم النظام السياسي وارتباط ذلك بحجمها. فقد شهدت الثلاثينيات مؤتمرات ومظاهرات طائفية للتعبير عن المصالح الطائفية. فمنذ ذلك الحين بدأ كل فريق يسعى لتعزيز عدد أفراد طائفته بطرق غير مباشرة. المسلمون من خلال المطالبة بتجنيس الأكراد وأهالي وادي خالد، والجانب المسيحي من خلال منح الجنسية اللبنانية إلى الأقليات المسيحية، والى الموارنة والأرثوذكس والكاثوليك والأرمن القادمين من سورية. وبنمو الديموغرافيا الإسلامية ، نشأ عند المسيحيين ما سمي بـ (عقدة الخوف) من الزيادة الديموغرافية للمسلمين. ومن أجل الحفاظ على مصالحهم وشخصيتهم ولكبح جموح المسلمين في المشاركة الحقيقية في السلطة سار الموارنة في خطة حصلت على تأييد سلطات الانتداب الفرنسي ودعمها ، انطلاقاً من اعتبار أن إنشاء لبنان المسيحي هو الذي يمكنه أن يؤمن للمسيحيين توازناً استراتيجياً مع المحيط العربي الإسلامي، وخصوصا مع سورية. ولان الحفاظ على الانتداب الفرنسي يقتضي ترسيخ هيمنة المسيحيين. استدعى المفوض السامي بشارة الخوري وصارحه بتخوفه من إمكان وصول الشيخ محمد الجسر إلى الرئاسة وقال له “إن هذا الأمر يثير قلقه، لأنه يسلب الرئاسة من أمام المسيحيين”. وعندما قاربت ولاية الرئيس شارل دباس على الانتهاء أجمع الموارنة على المطالبة أن يكون رئيس الجمهورية المقبل مارونياً باعتبارهم أكبر الطوائف اللبنانية ، ولكنهم انقسموا حول مرشحين هما: بشارة الخوري وأميل إده. في حين أثار المسلمون قضية حقهم في الوصول إلى الرئاسة الأولى، باعتبار أن الدستور اللبناني لا يحول دون ذلك. غير أن سلطات الانتداب عارضت هذا الترشيح وأفهمت صاحبه أن أوامر باريس تقضي بعدم السماح لمسلم أن يصل إلى رئاسة الجمهورية. وعندما عجز المفوض السامي أوغست هنري بونسو ) ١٩٢٦ – ١٩٣٣ ( عن إقناع الشيخ محمد الجسر بسحب ترشيحه، وأيقن أن أكثرية النواب ستصوت له، أصدر في ٩ أيار ١٩٣٢ ، وبتحريض من البطريرك الماروني قرارا بحل مجلس النواب ، لإبعاد المرشح المسلم عن منصب رئاسة الجمهورية، وعلى أثره أصدر المفوض السامي هنري بونسو في ١٢ تشرين الأول ١٩٣٢ قرارا بتعليق الدستور اللبناني. وجدد ولاية الرئيس شارل دباس إلى أجل غير مسمى
أثارت الملابسات السياسية والطائفية التي رافقت انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية عام ١٩٣٢ استياء واسعا في البلاد واحدثت انقساما عاما، فزادت على أثرها نقمة المسلمين على الوصاية الفرنسية، وأبدوا انزعاجهم من النهج الطائفي الذي كان ما يزال يسيطر على السياسة الفرنسية واللبنانية ، فقد رفضت فرنسا والقوى الطائفية معاً وصول الشيخ محمد الجسر إلى منصب رئاسة الجمهورية رغم موالاته لفرنسا، لا لشيء إلا لأنه ينتمي إلى الطائفة الإسلامية ، ولان الحفاظ على الانتداب الفرنسي يقتضي ترسيخ هيمنة المسيحيين ، بالرغم من عدم تطرق الدستور اللبناني لعام ١٩٢٦ ، إلى الانتماء الطائفي لمن يتولى هذا المنصب أو سواه، وكذلك لم يحدد دين معين للدولة اللبنانية. أدرك المسلمين أن سلطة الانتداب والقوى المارونية الدينية والسياسية، ترفض وتخشى وصول مسلم إلى منصب رئاسة الجمهورية، لذلك رفض المسلمين الاعتراف بنتائج الإحصاء السكاني لعام ١٩٣٢ الذي أظهر وبشكل مريب تفوقاً مسيحياً طفيفاً عليهم، والادعاء أنهم أكثر من المسيحيين، وبدأوا بالمطالبة بالمناصفة في مناصب الدولة. وأهم ما نتج عن تلك الإحداث السياسية هو تمأسس الطائفية – السياسية عملياً في مناصب الدولة اللبنانية الحديثة. فقررت السياسة الفرنسية “مورنة” منصب رئيس الجمهورية ، والمناصب العليا في الدولة، حيث عينت بعد الرئيس شارل دباس – وهو ارثوذكسي – حبيب باشا السعد وهو من زعماء الموارنة البارزين في ٣٠ كانون الأول ١٩٣٤ لمدة عام واحد، ثم بسبب مواقفه المؤيدة لفرنسا جدد له المفوض السامي الكونت دي مارتل سنة جديدة تنتهي في ٣٠ كانون الثاني ١٩٣٦. وفي الوقت الذي كان فيه المسلمون قد بدأوا بالانخراط في الحياة السياسية ، وبالاعتراف بالدولة اللبنانية ، تم تكليف عبد الله بيهم، وهو ينتمي الى اهم العائلات الاسلامية البيروتية، بين عامي (١٩٣٤ – ١٩٣٦ (بأمانة سر الدولة ، وهو منصب يوازي منصب رئيس الوزراء. ولما بلغت نهاية المدة الثانية من رئاسة الرئيس حبيب باشا السعد (٣٠ كانون الثاني ١٩٣٤ – ٢٠ كانون الثاني ١٩٣٦ ( دعا المفوض السامي مجلس النواب ، في كانون الأول عام ١٩٣٥ لانتخاب رئيس للجمهورية خلفا لحبيب باشا السعد، لمدة ثلاث سنوات غير قابلة للتمديد، وحدد تاريخ العشرين من كانون الثاني ١٩٣٦ ، موعدا لانتخاب رئيس للجمهورية ، وعندما حاول النائب أيوب ثابت الترشيح للمنصب الرئاسي ، رفض المفوض السامي ذلك الترشيح بشدة ، رغم موالاته الشديدة وتعصبه للفرنسيين، لأنه ينتمي إلى الطائفة البروتستانتية. ربح أميل إدّه الانتخابات الرئاسية ومنذ بداية عهده ( ٣٠ كانون الثاني ١٩٣٦ ٤ – نيسان ١٩٤١ ( أظهر تطرفا وتعصبا واضحاً ضد الاتجاهات العربية، في حين بقي بشارة الخوري في مجلس النواب زعيماً للمعارضة، واخذ يلح على الشروع بالمفاوضات لعقد معاهدة بين فرنسا ولبنان تحل محل نظام الانتداب. وبعد التغييرات التي طرأت على السياسة الأوروبية في عام ١٩٣٦ ، نتيجة بروز المد الفاشي والنازي، وانطلاقاً من عوامل داخلية لبنانية من جهة، وداخل فرنسا من جهة أخرى، تشجعت قوى لبنانية على تقديم مذكرة إلى مجلس النواب اللبناني في ٣ آذار ١٩٣٦ ، تطالب فيها بإجراء مفاوضات بين فرنسا ولبنان، كالتي تجري بين فرنسا وسورية، تقوم مقام الانتداب وتطالبت بإعادة العمل بالدستور كاملا
وتجنبا لتدهور الوضع في كل من لبنان وسورية، بادر المفوض السامي الكونت دي مارتل بعد عودته من باريس في تشرين الأول ١٩٣٦ ، إلى دعوة رئيس الجمهورية أميل اده ، لتأليف لجنة لبنانية لمفاوضته من اجل وضع معاهدة بين لبنان وفرنسا. ولقاء توقيع معاهدة تعترف فيها فرنسا باستقلال كل من سورية ولبنان، اشترطت فرنسا على الحركة الوطنية السورية الاعتراف بـ (الكيان اللبناني) الجديد والتسليم به كأمر واقع، في المفاوضات التي جرت بين الحكومة الفرنسية والحركة الوطنية السورية مطلع عام ١٩٣٦ ، خضع ممثلو الحركة الوطنية للابتزاز الفرنسي وقبلوا بهذا الشرط الفتنوي، الذي أحدث تصدعاً في صفوف السياسيين المسلمين الداعين للوحدة مع سورية في لبنان، وراح بعضهم يميل لمشروع الدولة اللبنانية، في حين راح البعض الآخر يبحث عن صيغة للتوفيق بين ولائه وانتماءه القومي العربي وبين اعترافه بالكيان اللبناني. هذا ما أوصل البلاد إلى الدخول في حالة من الاضطرابات التي عمّت مناطق صيدا وبنت جبيل والتي اتخذت طابعا دموياً ، حملت الرئيس إميل اده على التشاور مع المفوضية الفرنسية للتوصل الى الصيغة الفضلى التي من شأنها أن تخفف من حدة معارضة مسلمي لبنان للدولة اللبنانية ، فتم الاتفاق على أن توكل رئاسة الوزراء إلى المسلمين السنة لاستمالة الطائفة واستيعابها ، لان استيعابها في تلك الفترة كان يمثل استيعابا واستمالة للطوائف الإسلامية. ولما كان خير الدين الأحدب هو المعارض الوحيد للمعاهدة الفرنسية – اللبنانية في البرلمان، وبعد مناقشات مطولة كان قد أجراها معه مساعد المفوض السامي والذي استشف فيها ألما من جانب الأحدب تجاه الكتلة الوطنية السورية التي ضحت بالمناطق الإسلامية في لبنان مقابل إقرار المعاهدة، نجح الرئيس إميل اده بتكليف خير الدين الأحدب ( السني الطرابلسي) لتأليف وزارة جديدة في كانون الثاني ١٩٣٧ . وفي ٤ كانون الثاني ١٩٣٧ أعلن المفوض السامي داميان دو مارتيل عودة الحياة الدستورية التامة إلى لبنان. وهذا ما أدى إلى أن ينعم لبنان بفترة من الحكم الدستوري بين العامين ١٩٣٧ وعام ١٩٣٩ تحقق خلالها تقدم سياسي ملحوظ. لكن عند نشوب الحرب العالمية الثانية في أيلول ١٩٣٩ أعاد المفوض السامي غبريال بيو الذي خلف داميان دو مارتيل في المفوضية الفرنسية تعليق الدستور للمرة الثانية، وحلّ المجلس النيابي، وأقال الحكومة، وقيّد الحريات، وأمعن في الحد من سلطة رئيس الجمهورية. كما اعتبر لبنان منطقة حربية بموجب انتداب فرنسا عليه. وفي ربيع ١٩٤٠ واجهت فرنسا نفسها الغزو الألماني لأراضيها، ولم تصمد المقاومة الفرنسية أكثر من أسبوعين بعد اختراق الألمان الحدود الفرنسية (١٤ حزيران) فسقطت باريس. بعد ذلك بأسبوع تمّ توقيع الهدنة وأصبحت فرنسا تحت السيطرة الألمانية، وتسلّم المارشال فيليب بيتان الحكم كرئيس للدولة الفرنسية في فيشي. في المقابل رفض فريق من الفرنسيين إلقاء السلاح والاستسلام، وتألفت في لندن “حركة فرنسا الحرة” التي قادها الجنرال شارل ديغول. أعلن المفوض السامي في لبنان غبريال بيو ولاءه لحكومة فيشي، فكان ذلك إيذانًا بتبعية الانتداب الفرنسي في لبنان لحكومة بيتان. وفي ٣٠ كانون الأول ١٩٤٠ خلفه الجنرال هنري دانتز مفوضًا ساميًا وقائدًا أعلى للجيش الفرنسي في لبنان وسورية، وأصبح بذلك لبنان داخل معركة شرسة بين قوات فيشي وجيش الحلفاء
شحّت المواد الغذائية في البلاد بسبب ظروف الحرب، وتخوّف اللبنانيون من المجاعة، وعادت بهم الذاكرة إلى ويلات الحرب العالمية الأولى، فأقبلوا بشدّة على شراء المواد الغذائية وتخزينها، وارتفعت أسعار مختلف السلع ارتفاعًا جنونيًّا. في ظل هذه الأوضاع، ظهرت طبقة من المحتكرين بدأت بإخفاء البضائع على اختلافها لبيعها في ما بعد بأسعار باهظة، وأصبح رغيف الخبز أسود اللون إذ دخلت في عجينته مواد مختلفة. على أثر ذلك كله استقال إميل إده من رئاسة الجمهورية بسبب احتدام الأزمات المعيشية واضطراب الأمن في البلاد وعجز الحكومة عن معالجة الوضع، وفي ١٠ نيسان ١٩٤١ عيّن الجنرال دانتز القاضي الأستاذ ألفرد نقاش رئيسًا للدولة، يعاونه مجلس مديرين يرأسه المهندس أحمد الداعوق. وفي صبيحة ٨ حزيران ١٩٤١ ألقت طائرات الحلفاء فوق مدن لبنان وقراه منشورًا مطبوعًا بتوقيع الجنرال جورج كاترو بوصفه المندوب العام لحكومة فرنسا الحرّة في سوريا ولبنان. أعلن المنشور الاستقلال الكامل للسوريين واللبنانيين باسم فرنسا الحرّة، وكان الهدف من تلك الخطوة الحصول على تأييد الشعبين، بعد دخول الجيوش الحليفة إلى بيروت انتعشت الحياة الاقتصادية وانتهى الحصار الخارجي وتوافرت المؤن. وهذا نص المنشور: «أيها السوريون واللبنانيون.. إني قادم إليكم لإنهاء عهد الإنتداب وأعلنكم أحراراً ومستقلين، لقد أصبحتم منذ الآن شعبين سيدين ومستقلين، وباستطاعتكم إما أن تكونوا بدولتين منفصلتين، وإما أن تتجمعوا في دولة واحدة، وفي كلا الحالتين، فإن نظامكم المتضمن الاستقلال والسيادة ستكفله معاهدة، تتضمن تحديداً لعلاقاتنا المتبادلة. أيها السوريون واللبنانيون، إذا لبّيتم ندائي ورضيتم الانضمام إلينا، فعليكم أن تعلموا أن الحكومة البريطانية، وبالاتفاق مع فرنسا الحرة، قد تعهدت أن تضمن لكم جميع المنافع التي تتمتع بها البلاد الحرة المرتبطة بها»
كانت رئاسة المجلس معقودة لصبري حمادة في ٢١ أيلول ١٩٤٣، وانتخب مجلس النواب الشيخ بشارة الخوري رئيساً للجمهورية، وعين رياض الصلح رئيساً للحكومة الجديدة، وكل من حبيب ابو شهلا، سليم تقلا، كميل شمعون، الأمير مجيد ارسلان، وعادل عسيران وزراء، وأوكلت إلى هذا الوزارة مهمة تحرير لبنان من قيود الانتداب وتحقيق الاستقلال التام. كان السابع من تشرين الأول ١٩٤٣ يوم جلسة إذاعة البيان الوزاري للحكومة في مجلس النواب. حّدد البيان الوزاري أهداف حكومة الاستقلال الأولى، وفيها ان الدستور يجب أن ُيعّدل وتحذف منه جميع النصوص التي تشير إلى الانتداب، وأن لغة البلاد الوحيدة هي اللغة العربية، وأن لبنان بلد ذو وجه عربي لا يحكم لا من الغرب ولا من الشرق
وقع البيان على سلطة الانتداب وقع الصاعقة، وبادر المندوب السامي الفرنسي الجنرال كاترو في لبنان وسوريا إلى إبلاغ الحكومة اللبنانية ان لا حق لها في تعديل الدستور، جاء الرد من الحكومة أن الاستقلال يؤخذ ولا يُعطى. دعا رئيس المجلس النيابي صبري حمادة إلى عقد جلسة تعديل الدستور في ٨ تشرين الثاني، حضر الجلسة ثلاثة وخمسون نائباً، وأقر المجلس مشروع تعديل الدستور، وألغى جميع المواد والنصوص التي تذكر الانتداب، وحضّرت المواد الدستورية المعّدلة، ووقّعت من رئيس المجلس صبري حمادة، ووافق على نشرها في الجريدة الرسمية رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة رياض الصلح، وصدرت الجريدة الرسمية في صباح الثلاثاء ٩ تشرين الثاني وهي تحمل المواد المعّدلة. داهمت قوات من البوليس الفرنسي ليل ١١ تشرين ثاني منازل الشيخ بشارة الخوري رئيس الجمهورية، ورياض الصلح رئيس الوزراء، والوزراء عادل عسيران، كميل شمعون، سليم تقلا وعبد الحميد كرامي واعتقلتهم جميعاً، واقتادتهم الى سجن قلعة راشيا. انتفض الناس في الشوارع والقرى والمدن ردّاً على أخبار الاعتقال، وعمّت المظاهرات بشكل عفوي المناطق اللبنانية، وتم تعليق الدستور وإقامة نظام حكم في البلاد بإمرة المفوض السامي الفرنسي، وعّينت سلطة الانتداب إميل إده رئيساً للدولة ورئيساً للحكومة
حمل كل من حبيب ابو شهلا وصبري حمادة والامير مجيد ارسلان وخليل تقي الدين في ١٢ تشرين الثاني بتكليف من المجلس الوثيقة التاريخية التي وضعت في البرلمان ووافق عليها ٣٨ نائباً الى منزل الجنرال سبيرز ممثل بريطانيا وسلمّوه إيّاها ليرفعها الى حكومته. وأبلغ سبيرز الوفد استعداده لوضع طائرة حربية بريطانية بتصرفهم تنقلهم إلى مصر لتفادي الصدام، وتأليف حكومة منفى، جاء رد الأمير مجيد حاسما: ” اننا مصممون على المقاومة ( إمّا الاستقلال وإمّا الاستشهاد)”
ركب حبيب أبو شهلا والأمير مجيد سيارة، وركب صبري حمادة وخليل تقي الدين في سيارة رئاسة المجلس. في الطريق أشار الأمير مجيد بيده لسيارة الرئاسة ان اتبعونا وصلوا إلى الشويفات، وفي ١٣ تشرين وصلوا إلى بشامون. يسأل المرء لماذا بشامون؟ لأنها منطقة نفوذ الأمير مجيد ارسلان، فقد كانت بشامون المكان الملائم لقربها من العاصمة، ولأنها امتداد طبيعي للقرى الدرزية المجاورة من منطقة الغرب والجرد التي تشكل قوة عسكرية تتّكون من الاهالي الدروز الذين يبايعون الأمير مجيد أرسلان زعيما. ولأن ليس لها غير طريق واحدة تسلك من عين عنوب وتنتهي في بشامون. وكان الأهالي الدروز متجمهرين في الساحة مسلحين وغير مسلحين، ينتظرون وصول الأمير مجيد في أي لحظة للتزود بتوجيهاته وارشاداته. وصل رجال الاستقلال إلى بشامون، واستقبلهم الأهالي في منزل المختار الشيح ضاهر عيد، واقترح بعضهم على رجال الاستقلال الذهاب إلى بلدة سرحمول لانها تبعد ٣ كيلومترات عن بشامون، ولا طريق للسيارات إليها،ولا يستطيع الفرنسيون من الوصول إليها. وفي اثناء التداول وقف رجل مهيب اسمه الشيخ حسين الحلبي من بلدة بشامون، وقال بكل جرأة وقوة مخاطباً رجال الاستقلال والجمهور:”ان بيتي محايد وغير مواجه وبعيد عن الأنظار، وتفضلوا”. فقال له صبري حمادة “يا شيخ بيهبطولك بيتك”. واجابه الشيخ حسين الحلبي “اللي عمره بيعمر غيره، وفداء الوطن”. وانتقلوا الى بيت حسين الحلبي الذي أعتبر مقراً مؤقّتاَ للحكومة
كان حبيب ابوشهلا نائباً لرئيس الوزراء والأمير مجيد وزيراً للدفاع واعتبر الاثنان مجلس وزراء يقوم مقام رئيس الجمهورية، فكانت حكومة بشامون تتألف من حبيب ابوشهلا رئيساً ومجيد ارسلان عضواً والقائد العام للحرس الوطني . أمّا صبري حمادة فكان رئيساً لمجلس النواب ومؤازراً الحكومة في أعمالها ومقرراتها. مارست الحكومة مهامها في بيت الاستقلال، وأثبتت مصداقيتها، وأصدرت قراراتها الحرة. وتوزع رجال الأمير مجيد على شكل فرق انتشرت على حدود البلدة وأطرافها. وأقفلت الطريق بين بشامون وعين عنوب عند السنديانة بالمتاريس والحجارة. وفي صباح ١٦ تشرين الثاني نشبت بين الجنود الفرنسيين والحرس الوطني الذي شكله الأمير مجيد معركة استشهد فيها سعيد فخر الدين بعد ان هاجم أحدى المصفحات، ورمى قنبلة عليها
صباح الأحد ١٩ تشرين الثاني ١٩٤٣ وصل الى بشامون أربعة شبان من بيروت يحملون علماً جديداً، دخلوا إلى سراي الحكومة في بشامون، ونشروه على الارض ليتأمله الحاضرون. تناول حبيب أبو شهلا العلم، وقدمه الى الأمير مجيد أرسلان بصفته وزير الدفاع الوطني، وقال له : ” أني بالنيابة عن فخامة رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وجميع المعتقلين في راشيا والسجون، أضع في عهدتك علم لبنان الجديد الخفاق، وأطلب منك الدفاع عنه وحمايته”. فركع الأمير مجيد وقبّل العلم، وقال: “أقسم أن أذود عنه بدمي، وأبذل في سبيله حياتي” وارتفع العلم فوق سراي بشامون علم لبنان الحر المستقل. عرضت الحكومة الفرنسية على بشارة الخوري إطلاق سراحه إن هو تخّلى عن رياض الصلح فرفض. وعرضت على رياض الصلح العرض عينه فرفض. كما أوفدت الحكومة الفرنسية بيار بار، معاون مندوب المفوض السامي لمفاوضة الحكومة في بشامون وأبلغه، حبيب أبو شهلا أن حكومة لبنان الشرعية ليست مستعدة للمفاوضة إلاّ اذا أطلق سراح المعتقلين. وأمام إصرار وصلابة موقف حكومة الاستقلال في بشامون برفض المفاوضات أدى إلى اطلاق سراح المعتقلين بعد مفاوضات صعبة وعسيرة مع الفرنسيين في ٢٢ تشرين الثاني ١٩٤٣
وهكذا وكما دحر الأمراء الأرسلانيين الفرنجة عن بلادنا وحموها من الهجمات الصليبية، كذلك نجح الأمير مجيد أرسلان مع رفاقه الوطنيين بانتزاع استقلال لبنان التام وتحريره من الاستعمار الفرنسي
المراجع: غوغل، ويكيبيديا، موقع الجيش اللبناني، موقع جريدة النهار
أيوب مرعي أبوزور كاتب وشاعر لبناني من بلدة تنورة قضاء راشيا، حائز على ماجستير في علوم البيولوجيا من كلية العلوم في الجامعة اللبنانية