اللواء الشهيد عصام زهر الدين… خير خلف لخير سلف

بقلم طارق حديفه*

من معركة المزرعة إلى بشامون والمالكية وصولاً إلى دير الزور، وما قبلهم من معارك وبطولات، تاريخ زاخر بالعز والأمجاد ذوداً عن الأرض ودفاعاً عن الكرامة والعرض

هويتنا عروبتنا، هؤلاء هم أبناء معروف منذ عهد قيام الدعوة الشريفة، حموا الثغور، وصدّوا المعتدين، وكتبوا التاريخ بدماء شهدائهم، من موقعة نهر الموت شمالي بيروت (والّذي سمي بهذا الاسم نظراً لإستشهاد 77 أمير ارسلاني على ضفافه في معاركهم ضد الغزاة)، مروراً بمعارك وبطولات الأمير فخرالدين وما تلاها عبر القرون المتلاحقة من تضحيات وصولاُ إلى الثورة السورية الكبرى بقيادة القائد المناضل سلطان باشا الأطرش، ومعركة استقلال لبنان بقيادة الأمير مجيد ارسلان ونضاله في فلسطين وتحرير المالكية والوصول إلى الناصرة يرافقه أبطال بني معروف من قرى الجليل والجولان و وادي التيم، وما تبعه من تمسّك أهلنا في فلسطين المحتلة بأرضهم ورفض تهويدها وإصرارهم على هويتهم وجذورهم العربية، والمقاومة المستمرة الّتي يقوم بها أهلنا في الجولان منذ خمسة عقود ونيف.. واستمر ذلك مع اللواء الشهيد أبي يعرب عصام زهر الدين، فيوم إحتدم النزال وشنت حرب كونية على سوريا قلب العروبة النابض، كان أبو يعرب مع رفاقه في السلاح بأوائل صفوف المتصدّين، فقاتل وناضل لحوالي ست سنوات من الحرب قبل أن يروي بدمائه الطاهرة أرض دير الزور في الثامن عشر من شهر تشرين الأول عام 2017 معلناً بأن سوريا كانت وستبقى واحدة موحدّة عصية على المؤامرات.. فكان بذلك خير خلف لخير سلف ملتزماً قولاً وفعلاً حتى الاستشهاد بشعار القائد سلطان باشا الأطرش “الدين لله والوطن للجميع”.

والشهيد أبو يعرب، لم يكن مجرد ضابط عسكري، إنما كان الأب والسند لكل جندي مقاتل، فمنه يستمد الجنود العزيمة والمعنوية، فمن القصص الّتي لا يعرفها كُثُر انه ذهب اللواء الشهيد عصام زهر الدين ذات مرة إلى المستشفى العسكري ورجله مصابة، فجبروا له رجله في منطقة الكاحل، وقال له الطبيب إنك تحتاج على الأقل ثلاثة أسابيع حتى نفك لك الجفصين وتشفى، ولكن لم ينتظر اللواء زهر الدين إنقضاء المدة، فذهب بعد أسبوع إلى المستشفى وقال لهم: أنا شفيت، وأريد أن تفكوا عن رجلي الجبصين حتى أرجع إلى دير الزور، فقال له الطبيب: مستحيل، فقام اللواء عصام بفك الجبيرة عن رجله بنفسه، فجاء الطبيب وقال له يا سيادة العميد ما الذي فعلته، أجابه إني شفيت، فغاب بذلك فقط فترة بسيطة حتى شفيت رجله وعاد إلى دير الزور ليقود المعركة ضد الإرهابيين

 

وهذا ليس بغريب عن حفيد الفريق عبد الكريم زهر الدين وزير الدفاع السوري السابق بحكومة بشير العظمة، فالشهيد اللواء عصام زهر الدين ضابط قال وفعل، قاد عمليات عسكرية ضد الجماعات الإرهابية على كل الجغرافية السورية وطهر الكثير من المناطق والمدن والبلدات من رجس الإرهابيين، وقد قاد عملية باب عمرو في حمص والتل في محافظة ريف دمشق، كما قام بتشكيل فصيل “نافذ أسد الله” الذي له الفضل بتحرير مناطق كثيرة على الأراضي السورية. واستطاع مع رفاقه فك الحصار عن مطار دير الزور وتحرير المدينة من تنظيم “داعش الإرهابي”، وعندما سأله ذات مرة السفير الدكتور نضال قبلان ان كان يريد أن يعلّق على صدره وسام من أجل أن التقاط صورة للذكرى ، أجاب مشيراً إلى صدره وهو يضع اصبعه على مدخل طلقة رصاص كادت تقتله على صدره مرت على بعد سنتيمتر واحد من القلب، وكان آثار الجرح ظاهرا بشكل كبير، وقال: “هل هناك أحلى من هيك وسام”

انها أسطر قليلة من حكايات رجل قل نظيره، فبإستشهاده بكت سوريا ومعها لبنان والشرفاء في كل مكان، وأقيم له مأتم حاشد في الملعب البلدي في السويداء، كما أقيم له موقف عزاء في دارة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني الأمير طلال ارسلان في خلدة بحضور سماحة شيخ العقل الشيخ نصر الدين الغريب وكبار مشايخ وأعيان الطائفة. وعندما حصلت الزيارة التاريخية لمشايخ بني معروف من فلسطين المحتلة إلى سوريا في أيلول عام 2018 برعاية الرئيس الدكتور بشار الأسد والأمير طلال ارسلان كانت المحطة الاولى زيارة ضريح أبي يعرب الشهيد البطل المقدام… نم قرير العين يا حضرة اللواء الشهيد فسوريا انتصرت وستنتصر، وبني معروف سيبقوا عرب أقحاح هويتهم هوية المجيد والسلطان ودماؤهم يبذلونها في سبيل العرض والأوطان

طارق حديفه – مدير المكتب الإعلامي لمشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان*